الهيئات القضائية

محكمة النقض: حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لدفع العدوان

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم الطعن رقم ٢٢١٠ لسنة ٨٩ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/١١/٢٠، أن انتفاء حالة الدفاع الشرعي متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وأشارت إلى أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لدفع العدوان.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من :- ١ – ……. (الطاعنة) ، ۲ – …….. ، في قضية الجناية رقم ……. لسنة ٢٠١٨ المنتزه أول ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم …… شرق الإسكندرية ) بأنهما في يوم ٥ من سبتمبر سنة ٢٠١٨ بدائرة المنتزه أول – محافظة الإسكندرية :
المتهمة الأولى :-
– أحرزت بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
– أحرزت سلاح أبيض ” مطواة ” بدون ترخيص وبغير مسوغ قانوني أو مبرر مهني .
المتهم الثاني :
– أحرز بقصد التعاطي جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثاني في ٢٦ من نوفمبر سنة ۲۰۱۸ ، عملاً بالمواد ۱، ۲ ، ۷/١، ٣٤/١ بند أ ، ۳۷/١ ، ٤٢/١ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل والبند رقم ٥٦ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ ، والمواد ١/١، ٢٥ مكرر/ ۱ ، ۳۰/١ من القانون ٣٩٤ لسنة  ١٩٥٤ المعدل والبند رقم ٦ من الجدول رقم ١ الملحق ، وبعد إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، بمعاقبة / ……… بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمها خمسين ألف جنيه عما أُسند إليها ، وبمعاقبة / …… بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أُسند إليه ومصادرة المضبوطات .
فقررت المحكوم عليها بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في ٩ من يناير سنة ٢٠١٩ . وبتاريخي ١٥ ، ٢١ من يناير سنة ٢٠١٩ أودعت مذكرتان بأسباب طعن المحكوم عليها موقع على الأولى من المحامي / ……. ، وعلى الثانية من المحامي / …….. .
الدفع بالتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع
وقالت محكمة النقض: «حيث إن الطاعنة تنعى – بمذكرتي أسباب الطعن – علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وسلاح أبيض ” مطواة ” بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه اعتورها الغموض والإبهام الموحي بعدم الإحاطة بواقعة الدعوي ولم يورد مؤدي أدلة الإدانة ، لاسيما تقرير المعمل الكيميائي الذي اقتصر علي مجرد سرد نتيجته دون بيان مضمونه ، ووسيلة الكشف عن كنه المادة المضبوطة ، ومقدار ما جرى فحصه منها ، وجاء قاصراً في التدليل علي توافر قصد الاتجار في حقها ، و تناقض في تحصيله لإقرار الطاعنة لضابط الواقعة بشأن مشاركة المتهم الآخر لها في نشاطها».
النقض ترد على الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس
وتابعت: «وقام دفاعها – الشفوي والمكتوب – علي بطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة ، واختلاق الضابط لتلك الحالة في تصوير لا يتفق مع العقل والمنطق لقرائن عدة تقطع بعدم قدرته علي تبيّن كنه المادة المخدرة من مكمنه وانفراده بالشهادة علي واقعة الضبط وحجبه أفراد القوة المرافقة عنها ، وبطلان التحريات وعدم جديتها لما سردته من شواهد ، وبطلان الإقرار المعزو إليها بمحضر الضبط لكونه نتاج إجراءات باطلة وصدوره تحت وطأة إكراه مادي ومعنوي ، واستحالة الرؤية لبعد المسافة وحلكة الظلام وصغر قطعة المخدر وعدم معقولية الواقعة ، وتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني في خصوص لون المادة المخدرة وأن السلاح المضبوط استخدم في تجزئتها بيد أن الحكم عرض لبعض تلك الدفوع وأطرحها برد قاصر وغیر سائغ وأعرض عن البعض الآخر ، ملتفتاً عما قدمه دفاع الطاعنة من مستندات تأييداً لها . كل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه» .
وأضافت في حكمها: «حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد الاتجار وسلاح أبيض بغير ترخيص اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها دليلين سائغين من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتبه الحكم عليهما وجاء استعراض المحكمة لهذين الدليلين على نحو يدل على أنها محصتهما التمحيص الكافي وألمت بهما إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون لا محل له .».
واستكلمت: «لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير التحليل وأبرز ما جاء به من أن المادة المضبوطة لجوهر الحشيش المدرج بالجدول الأول من جداول قانون المخدرات ، فإن ما تنعاه الطاعنة من عدم إيراد مضمون تقرير التحليل كاملاً لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تعترض على تقرير التحليل في خصوص الوسائل الفنية التي اتخذت للكشف عن كنه المخدر المضبوط أو حقيقته ولم تطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الشأن ، فإن ما تنعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما تُلمح إليه الطاعنة من أن التحليل لم يشمل جميع كمية الحشيش المضبوطة إنما هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة ، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعنة إحرازها لكمية الحشيش التي أُرسلت للتحليل ، فمسئوليتها الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قل ما ضُبط منها أو كَثُر، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله ».
«النقض»: حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها
وأضافت المحكمة في حكمها: «لما كان ذلك ، وكانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز الطاعنة للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافى وواقع الدعوى ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما تثيره الطاعنة من تناقض الحكم في تحصيل إقرارها للضابط بشأن مشاركة المتهم الآخر لها في نشاطها مردوداً بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعنة ، ولما كان منعى الأخيرة لا يتصل بشخصها ولا مصلحة لها فيه ، بل هو يختص بالمحكوم عليه الآخر وحده ، فلا يقبل منها ما تثيره في هذا الصدد ».
وقالت المحكمة: «لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله : – بعد أن أورد تقريراً قانونياً – ( لما كان ذلك ، وكان مأمور الضبط القضائي قد أبصر المتهمة حال إخراجها المخدر المضبوط من داخل البوك حوزتها وقامت ببيعه للمتهم الثاني مقابل مبلغ مالي ، ومن ثم تكون الجريمة متلبساً بها مما يحق معه القبض والتفتيش ويتعين معه رفض الدفع )».
القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع
وعن حالة التلبس قالت: «لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفعت به الطاعنة لعدم توافرها وببطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يجدي الطاعنة – من بعد – ما تثيره بشأن حصول القبض والتفتيش دون إذن من النيابة العامة ما دام أن الحكم قد استظهر – علي نحو ما سلف – توافر حالة التلبس» .
النقض: لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
وعن شهادة الشهود قالت: «لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل ».
النقض: تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع
وفي شأن تقدير جدية التحريات، قالت محكمة النقض: «لما كان ذلك ، و كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال ضابط الواقعة التي استقاها من التحريات تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ».
لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من إقرار الطاعنة دليلاً على ثبوت الاتهام قبلها وإنما أورده كقول للضابط شاهد الإثبات من أن المتهمة قد أقرت له بإحرازها المخدر بقصد الاتجار، فإن كافة ما تثيره الطاعنة في شأن هذا الإقرار يكون غير سديد .
رد محكمة النقض على الدفع باستحالة الرؤية وعدم معقولية تصوير الشاهد لواقعة الضبط
قالت محكمة النقض في ردها على الدفع باستحالة الرؤية، أن: «لما كان ذلك ، وكان الدفع باستحالة الرؤية وعدم معقولية تصوير الشاهد لواقعة الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصًا اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض».
النقض: لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة أن تطابق أقوال الشاهدة مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه
قالت المحكمة: «لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة أن تطابق أقوال الشاهدة مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي كما هو الحال في الدعوى الماثلة أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما حصله الحكم من أقوال ضابط الواقعة لا يتناقض وما نقله من تقرير المعمل الكيميائي ، فإن قالة التناقض بين الدليلين لا يكون لها محل ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنة من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم».
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية
وتابعت: «لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له».
هذا وتشير المحكمة – محكمة النقض – إلى أنه لما كانت محكمة الموضوع قد دانت الطاعنة بجريمة إحراز جوهر مخدر “حشيش” بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً – ذات الوصف الأشد – ، ورأت معاملتها طبقاً للمادة ١٧ من قانون العقوبات حتى وإن لم تشر إليها ، ثم قضت بمعاقبتها بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمها خمسين ألف جنيه ومصادرة المضبوطات عملاً بالمواد ۱/۱، ۲، ٣٤/١ بند أ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين ٦١ لسنة ۱۹۷۷ ، ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ ، والبند رقم ٥٦ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول . لما كان ذلك ، وكانت عقوبة هذه الجريمة المشار إليها عملا بنص الفقرة الأولى بند ( أ ) من المادة ٣٤ من القانون سالف الذكر – هي الإعدام أو السجن المؤبد – وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد نزل بعقوبة الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دينت بها الطاعنة عن الحد الأدنى للغرامة الواجب القضاء بها وهو مائة ألف جنيه فإنه يكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طعنت المحكوم عليها وحدها فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم وتداركه حتى لا تُضار الطاعنة بطعنها طبقاً للأصل المقرر في المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

 

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى