الهيئات القضائية

“النقض” تضع الفروق الجوهرية بين الإيجار فى القرى والمدن

أصدرت محكمة النقض – حكما قضائيا يهم ملايين الملاك والمستأجرين – وضع الفروق الجوهرية بين الإيجار في القرى والمدن والقوانين المعمول بها في كلتا الحالتين، ورسخت خلاله لـ5 مبادئ قضائية تنهى النزاع بين المالك والمستأجر، قالت فيه:

1- العزب التابعة للقرى يحكمها قواعد القانون المدني دون قواعد قانون إيجار الأماكن الاستثنائية، ولا يجوز للمحافظ المختص ولا لوزير الإسكان بوصفهما ممثلين للسلطة التنفيذية ولا للمحاكم بإختلاف درجاتها أن تمد نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن على العزب باعتبار أن ذلك كله من اختصاص السلطة التشريعية”.

2- ثبوت إبرام عقد إيجار عين النزاع مشاهرة وإبداء “المؤجر أو المالك” رغبته في إنهائه يترتب عليه انتهاء الرابطة العقدية بين الطرفين وصيرورة يد “المستأجرة” بلا سند.

3- تسرى أحكام قوانين إيجار الأماكن على عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً، وعدم سريان أحكامها على القرى إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق طبقا للمادة 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 1 من القانون رقم 52 لسنة 1975.

4- القانون المدني هو الشريعة العامة لسائر المعاملات، والأصل فيه تطبيق أحكامه على عقود الإيجار، أما قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية تعتبر تشريعات خاصة في طبيعتها ونطاقها ويقصر تطبيقها في النطاق المشار إليه فيها .

5- تواجد شقة النزاع بعزبة تابعة إدارياً لقرية يترتب عليه انحسار قواعد قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية عن عقد إيجارها ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكامه عليها.

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 13263 لسنة 81 قضائية، برئاسة المستشار سمير فايزي عبد الحميد، وعضوية المستشارين عبد الصمد محمد هريدي، ومحمد مأمون سليمان، وعبد الناصر عبد اللاه فراج، وعبد العزيز محمد صلاح.

 

الوقائع.. نزاع بين المؤجر والمستأجر حول شقة في عزبة تابعة لقرية

الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده دعوى قضائية أمام محكمة مركز المحلة الكبرى الجزئية بطلب الحكم بطردها من الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1 ديسمبر 1984، وقال بيانا لذلك إنه أجر للمطعون ضدها عين النزاع الكائنة بعزبة بدران النواوي، التابعة لقرية كفر حجازي، مركز المحلة الكبرى، بموجب العقد المذكور لاستعمالها للسكنى “مشاهرة” مقابل أجرة مقدارها 17.5 جنيه شهري، ولعدم رغبته في تجديد مدة العقد فقد أنذرها على يد محضر بتاريخ 12 سبتمبر 2009 بالإخلاء، ولما لم تمتثل أقام الدعوى.

 

وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا ونوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية – مأمورية المحلة الكبرى – وقيدت برقم 4 لسنة 2010 مساكن كلي المحلة الكبرى، فحكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 لسنة 5 قضائية طنطا – أمام مأمورية استئناف المحلة الكبرى-، وبتاريخ 30 مايو 2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

 

مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت أن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن عين النزاع كائنة بعقار يقع في عزبة بدران النواوي التابعة إداريا لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، وإن عقد الإيجار سند الدعوى تحكمه القواعد العامة في القانون المدني لعدم خضوع عزبة بدران النواوي لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977- في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- الذي لا تسرى أحكامه على الأماكن المؤجرة بالعزب.

 

وتضيف مذكرة الطعن: وإذ قضى الحكم الابتدائي برفض الدعوى على ما ورد بأسبابه من أن عزبة بدران النواوي تابعة لقرية كفر حجازي الخاضعة لقانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير التعمير والإسكان رقم 91 لسنة 1983، وأيده الحكم المطعون فيه على ما أورده بأسبابه من أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 4 لسنة 2010 مدني جزئي مركز المحلة القاضي بعدم الاختصاص قيميا ونوعيا وبإحالة الدعوى إلى محكمة طنطا الابتدائية قد ورد بأسبابه أن القرية الكائنة بها عين النزاع تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن ويمتد العقد لمدة غير محددة لم يطعن عليه بالاستئناف، وحاز حجية وأصبح نهائيا لا تجوز مخالفته، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

 

النقض تضع الفروق الجوهرية بين الإيجار في القرى والمدن

المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن هذا النعي سديد، أنه من المقرر أن التقنين المدني يعتبر الشريعة العامة، فتسود أحكامه سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هي الواجبة التطبيق أصلا ما لم تطرأ ظروف معينة يرى المشرع معها ضرورة تعطيل بعض أحكامه أو إحلال تشريعات خاصة بديلا عنها، وتعتبر قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين تشريعات خاصة في طبيعتها ونطاقها، إذ خرج بها المشرع عن الأحكام العامة لعقد الإيجار، ووضع لها أحكاما خاصة فرض بمقتضاها التزامات معينة على كل من المؤجر والمستأجر قصد بها الحد من حرية المؤجر في تحديد الأجرة، وفي طلب الإخلاء، وقصر تطبيقها على الأماكن المشار إليها فيها.

 

ووفقا لـ”المحكمة”: ومن المقرر- في قضاء هذه المحكمة بهيئتيها – أن المشرع حدد في كافة التشريعات المتعاقبة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين النطاق المكاني لسريان أحكامها، فنص في المادة الأولى من كل من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 والقانون رقم 121 لسنة 1947 على سريان أحكامه على المدن والجهات والأحياء المبينة في الجدول المرافق، ثم استحدث في القانون رقم 157 لسنة 1962 تعديلات للقانون رقم 121 لسنة 1947 أصبحت بمقتضاه المناطق الخاضعة لأحكامه هي عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا بالتطبيق لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960، أما القرى فلا تسري عليها أحكام هذا القانون إلا بقرار من وزير الإسكان والمرافق، ولما أصدر الشارع القانون رقم 52 لسنة 1969 التزم في المادة الأولى منه نهجه السابق في تحديد البلاد التي تسري عليها أحكامه، كما التزمه في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 محيلا إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي الذي حل محل قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 124 لسنة 1960.

 

النقض: العزب التابعة للقرى يحكمها قواعد القانون المدني دون قانون إيجار الأماكن

لما كان ما سلف، وكان البين من الواقع المطروح بالأوراق – وبلا منازعة من طرفي الخصومة – أن عقد الإيجار المؤرخ 1 ديسمبر 1984 محله شقة بعقار الطاعن الكائن بعزبة بدران النواوي التابعة إداريا لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، ومن ثم فإن المنازعات الناشئة عن هذا العقد تحكمها قواعد القانون المدني دون قواعد قانون إيجار الأماكن الاستثنائية التي ينحسر سريانها عن العزب التابعة للقرى حتى ولو كانت القرية قد صدر من وزير الإسكان قرار بتطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على العلاقات الإيجارية المبرمة عن أماكن فيها، ولا يجوز للمحافظ المختص ولا لوزير الإسكان بوصفهما ممثلين للسلطة التنفيذية ولا للمحاكم باختلاف درجاتها أن تمد نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن على العزب باعتبار أن ذلك كله من اختصاص السلطة التشريعية.

 

هذا، وكان الحكم الابتدائي بعد الإحالة قد أسس قضائه برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن العقار الكائنة به شقة النزاع يقع في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي، وأن القرية خاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار وزير الإسكان رقم 91 لسنة 1983 المنشور بالجريدة الرسمية في 4/2/1984، دون أن يفطن إلى أن العزب خارج النطاق المكاني لتطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن مطلقا حتى ولو كانت تابعة إداريا لقرية من القرى التي خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن، وكان الطاعن قد أقام الدعوى ابتداء أمام المحكمة الجزئية بطلب الحكم بالطرد مستندا إلى أن عقد الإيجار تحكمه القواعد العامة في القانون المدني دون قواعد وأحكام قانون إيجار الأماكن باعتبار أن عين النزاع في عقار كائن بعزبة بدران التابعة لقرية كفر حجازي.

 

المحكمة ترسخ لـ5 مبادئ قضائية

وإذ قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيميا ونوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية دون أن تتطرق في أسباب حكمها لسبب الدعوى إيرادا وردا مجتزئة القول إن قرية كفر حجازي قد خضعت لأحكام قانون إيجار الأماكن بموجب قرار من وزير الإسكان، ومن ثم فإن حكمها لا تكون له حجية في المسألة القانونية سبب الدعوى، بل تقتصر حجيته – بعد صيرورته نهائيا- على إلزام المحكمة المحال إليها بالفصل في موضوع الدعوى عملا بنص المادة 110 من قانون المرافعات، ودون أن تتقيد بالتقريرات الواردة بأسباب حكم الإحالة لورودها خارج نطاق سبب الدعوى.

 

وإذ قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى على ذات أسباب حكم الإحالة بما كان يوجب على محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع أن تبسط رقابتها على أسباب الحكم الابتدائي، وأن تقيم جنوحه واعوجاج أسبابه بالتصدي لسبب الدعوى، والفصل في المسألة القانونية السالف ذكرها، وصولا إلى مدى أحقية الطاعن في طلب الطرد المؤسس على سبب الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الاستئناف متدثرا بما اعتقده من أن حكم الإحالة الصادر من المحكمة الجزئية قد حاز حجية لعدم الطعن عليه بالاستئناف على الرغم من أن حجيته قاصرة على عدم اختصاصها بنظر الدعوى قيميا سواء، كان عقد الإيجار قد انتهى بانتهاء مدته أو كان ممتدا بقوة القانون، وأن التقريرات الخاطئة الزائدة عن سبب عدم الاختصاص القيمي لا تحوز حجية، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.

 

ولما تقدم، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان عقد الإيجار المؤرخ 1 ديسمبر 1984 قد أبرم مشاهرة، ومحله شقة بعقار كائن في عزبة بدران النواوي التابعة لقرية كفر حجازي مركز المحلة الكبرى، وكان الطاعن قد أنذر المطعون ضدها في 12 ديسمبر 2009 بعدم رغبته في تجديد مدة عقد الإيجار، ومن ثم تكون الرابطة الإيجارية قد انتهت بهذا الإنذار عملا بنص المادة 563 من القانون المدني، وأصبحت يد المطعون ضدها على عين النزاع بلا سند بما يوجب القضاء بطردها، وإذ خالف الحكم الابتدائي- المستأنف- هذا النظر، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد المطعون ضدها من عين النزاع.

342328846_899597151270260_3429642006966328803_n
342388490_605870208257631_2594893718669068695_n
342428690_249861814114686_764097929060833331_n
342439719_1582540982269277_6907725450030878869_n
342685650_241950228357735_7781964430148497317_n

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى