«النقض»: للمحامي تقاضي ما يجاوز اتفاق الأتعاب إذا بذل جهدًا غير متوقع
أتعاب المحاماة هي المٌقابل المادي الذي يستخلصه ويتقاضاه المحامي من موكله نظير استفادة الموكل من خدماته، وهي تترجم الجهد الفكري والجسدي الذي يبذله المحامي سواء تعلق الأمر باستشارة قانونية، أو دراسة قانونية، أو نيابة في دعوى، أو مرافعة في قضية، وقد تكون على هيئة اتفاق عقدي او حسبما يتفق المحامي مع موكله وقد ينشأ في هذا العديد من المشكلات.
وفي الطعن رقم ٦٠٧٨ لسنة ٧٦ قضائية، الدوائر المدنية – جلسة 7 يونيو 2014، استندت محكمة النقض على النص في الفقرة الثانية من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون ١٧ لسنة ١٩٨٣ على أن يتقاضى المحامي أتعابه وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله وإذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتعاب أعمال أخرى حق للمحامي أن يطالب أتعاب عنها ” يدل على أن الأصل هو سريان الأتفاق المبرم بين الطرفين فلا يتقاضى المحامي زيادة على مقدار الاتعاب المتفق عليها ما لم يثبت أنه قام بأعمال أخرى خارجة عن نطاق ذلك الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها أن أنه تردى في خطأ لدى تقدير تلك الأتعاب فقدرها بما لا يتناسب مع أهمية ما قام به من عمل وما بذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك.
الطاعن يطلب من المطعون ضدهم بدفع الأتعاب
وحيث إن الوقائع ـعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم ٨٥٨٤ لسنة ٢٠٠١ مدنى محكمة شمال القاهرة بعد قصر طلباته بإلزامهم ضامنين متضامنين فيه بأن يدفعوا له حقه في الأتعاب مبلغ وقدره ثلاثمائة وثلاثة وأربعين ألف وخمسمائة جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى تاريخ السداد وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ ١٦ / ٤ / ١٩٩٤ أكمل المطعون ضدهم توكيلاتهم الرسمية العامة إليه لمباشرة الدعوى رقم ٩١٧ لسنة ١٩٩٢ مدنى محكمة الزيتون الجزئية وموضوعها، الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى الصادر من البائع محمد على عثمان إلى مورث المطعون ضدهم عن قطعتى أرض بعين شمس بثمن إجمالى قدره ٥٧٥ جنيه ، باشر الطاعن الدعوى بما تفرضه عليه التزامات الوكالة وأصول المهنة وتدخل في الدعاوى التى أقيمت بمناسبتها إلى أن حظى بحكم ابتدائى تم تأييده استئنافياً بصحة ونفاذ العقد موضوع الدعوى وبتاريخ ٢٤ / ٩ / ٢٠٠١ تحصل على إقرار بأتعابه إلا أن المطعون ضدهم رفضوا السداد فقام بإنذارهم على يد محضر واستبان له أنهم قاموا بإلغاء الوكالة ولأنه قام بما تفرضه عليه تلك الوكالة بما يفوق جهد الرجل المعتاد ومن ثم يستحق أتعابه عنها ومن ثم أقام دعواه ، وجه المطعون ضدهم دعوى فرعية ضد الطاعن بإلزامة بتعويض قدره مليون جنيه جبراً للضرر الذى أصابهم من جراء حبس الطاعن للصيغة التنفيذية عنهم ، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره فيها حكمت برفض الدعوى الفرعية وفى الدعوى الأصلية بالزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعن مبلغ وقدره ٨٥٩٢٧ جنيه كلا حسب نصيبه في عقار التداعى استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ٣٣٣٧ لسنة ٩ ق القاهرة ، استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم ٣٤٠٨ لسنة ٩ ق القاهرة وبعد أن ضم الاستئنافين حكمت بجلسة ٢٢ / ٢ / ٢٠٠٦ بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وأكدت المحكمة أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أن المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه كيفت الدعوى تكييفاً خاطئاً بتطبيقه القاعدة القانونية العقد شريعة التعاقدين وأعمل بعض بنود العقد الشرط الواقف ــــ وهو بيع الأرض دون استبيانه الغلط والاكراه الواقع على الطاعن عند إضافة هذا الشرط وشرط النسبة المئوية من قيمة الأرض ولم يتعرض الحكم لواقعة إلغاء التوكيلات التي يتبعها استحالة تحقيق واقعة بيع الأرض بمعرفة الطاعن وهو ما دفع به الطاعن بدفوعه في الدعوى الفرعيــــة.
واغفل الحكم ذلك ، كما اسس قضاءه بعدم أحقية الطاعن للأتعاب المتفق عليها بعدم التصرف في الأرض بالبيع وقد ربط الحكم بين بيع الأرض وبين المنفعة متناسياً ما بذله الطاعن من أعمال حتى حصل المطعون ضدهم على حكم نهائى لصالحهم وبه أصبح شرط بيع الأرض مستحيلاً لقيام المطعون ضدهم بإلغاء التوكيلات للطاعن بإرادتهم المنفردة وهو شرط أضيف للعقد بخط اليد وشابه الغش والخطأ من جانب المطعون ضدهم فاصبح شرط بيع الأرض في حكم المحقق ومغفلا جواز بيع الأرض بعقود ابتدائية ونقلها من يد ليد أخرى وتضيع أتعاب الطاعن لا سيما وقد تم تحديدها بعد الانتهاء من العمل فلا يجوز تعديلها واخطأ الحكم فيما ذكرة بحيثيات حكمه عدم تسلم المطعون ضدهم للصيغة التنفيذية إذ أنه قول يعوزه السند الذى ليس له أصل في الأوراق ويخالف حجية الحكم الجنائي الصادر ببرائة الطاعن في الجنحة القائمة على تبديد الطاعن للصيغة التنفيذية مما يعيبه ويستوجب نقضه
.
وأكدت المحكمة إن هذا النعى سديد ، ذلك أنه من المقرر ـــــ في قضاء هذه المحكمة ــــــ أنه لما كان حق الدائن في الإلتزام العقدى المعلق على شرط واقف هو مما ينظمه القانون ويحميه ، وكانت المادة ١٤٨ / ١ من القانون المدنى تلزم طرفى العقد بتنفيذه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية فإنه لا يجوز للمدين تحت هذا الشروط أن يقوم بأى عمل من شأنه أن يمنع الدائن من استعمال حقه عند تحقق الشرط وكل تصرف من جانبه يحول دون تحقق الشرط يشكل خطأ يستوجب التعويض ولو لم يصل إلى حد الغش لما ينطوى عليه من إخلال بواجب مراعاة حسن النية في تنفيذ العقد . وخير تعويض الدائن في هذه الحالة هو التعويض العينى أى اعتبار الشرط متحققا حكما ولو لم يتحقق بالفعل فيصبح الالتزام الشرطى نافذا بعد أن تغير وصفه من التعليق إلى التنجيز وأن حق الدائن في الالتزام المعلق على شرط واقف هو مما ينظمه القانون ويحميه.
وتابعت المحكمة انه ولئن كان هذا الحق لا يعد نافذاً إلا إذا تحقق الشرط غير أن الشرط يعتبر قد تحقق ولو لم يقع بالفعل إذا حدث غش أو خطأ من جانب المدين للحيلولة دون تحققه . وأن النص في الفقرة الثانيـــة من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون ١٧ لسنـــة ١٩٨٣ علـــى أن يتقاضى المحامى أتعابه وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله وإذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتعاب أعمال أخرى حق للمحامى أن يطالب أتعاب عنها ” يدل على أن الأصل هو سريان الاتفاق المبرم بين الطرفين فلا يتقاضى المحامى زيادة على مقدار الاتعاب المتفق عليها ما لم يثبت أنه قام بأعمال أخرى خارجة عن نطاق ذلك الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها أن أنه تردى في خطأ لدى تقدير تلك الأتعاب فقدرها بما لايتناسب مع أهمية ما قام به من عمل وما بذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك ومن ثم فإن يتعين على القاضى إذا ما رأى تعديل الاتفاق المتفق عليه بالزيادة أو النقص أن يبين في حكمه الظروف والمؤثرات التى أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الاتفاق على أتعاب لا تتناسب مع ما أقام به المحامى من أعمال ـــــ قبل تنفيذها ـــــ حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذ كان إطراح المحكمة للاتفاق يستند أو لا يستند إلى اعتبارات مقبولة وأن المقرر وعلى ما جرى به نص المادة ٨٢ من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ أن الأتعاب تقدر على أساس بما بذله المحامى من عمل يتفق وصحيح القانونى ، وما اقتضاه هذا العمل من جهد يعتبر لازما للوصول إلى الفائدة التى حققها لموكله وذلك كله مع مراعاة أهمية الدعوى وقيمة تلك الفائدة .
ونوهت إلى أن تقدير الجهد والفائدة التى حققها المحامى لموكله مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله ، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان دفاعاً جوهريا ومؤثراً في النتيجة التى انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصراً .
وأضافت المحكمة انه وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بصحيفة استئنافه وبمذكرته المقدمة بجلسة ٢٣ / ٥ / ٢٠٠٥ بأن المطعون ضدهم قاموا بإلغاء التوكيلات الصادرة له منهم مما استحال عليه تحقيق الشرط الواقف موضوع الأتفاق المؤرخ
٢٤ / ٩ / ٢٠٠١ وهو بيع الأرض محل الحكم النهائى الصادر في الدعوى رقم ٩١٧ لسنة ١٩٩٢ مدنى محكمة الزيتون الجزئية ــــ ومن ثم عدم حصوله على أتعابه المنصوص عليها بهذا الاتفاق ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى دون أن يورد في أسبابه الرد على هذا الدفاع الجوهرى وبحث دلالته بما قد يتغير به وجه الرأى في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور ويوجب نقضه لهذا السبب دون بحث باقى أسباب الطعن .
لـــــــــذلـــــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت الطعن إلى محكمة استئناف القاهرة ، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أميـــــــــــــــــن الســـــر نائب رئيس المحكمة
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين