نقابة المحامين

عبر بثٍ مباشر.. نقيب المحامين يتناول التحريات وشروط الشهادة.. ويوصي بحب المحاماة لعظمة رسالتها

تناول نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، خلال حديثه اليومي، التحريات وشروط الشهادة وغيرها من الأمور المتصلة بهما، مبينًا أوجه الترابط مع قصة النبي سليمان -عليه السلام- والهدهد الواردة في سورة النمل بالقرآن الكريم، وذلك عبر بثٍ مباشر من مكتبه بالنقابة العامة، اليوم الإثنين.

واستهل نقيب المحامين كلمته قائلًا: «حديثي اليوم هو تلبية لرغبة وطلب زميلي وصديقي العزيز الأستاذ عبد الحفيظ الروبي المحامي الكبير وعضو مجلس النقابة العامة للمحامين، فطلب إليَ أن أتحدث اليوم عن قصة الهدهد مع سيدنا سليمان، وعما يمكن أن يكون في هذه القصة من ارتباط بالتحريات، وسوف أتحدث إليكم عن قصة الهدهد بدء من الآية 15 حتى نهاية الآية 28 من سورة النمل، كما سأتحدث أيضًا عن التحريات في إطار ما اعتدنا كرجال قانون أن نتحدث به وأن نتعامل معه».

وأكد نقيب المحامين، أن ما يطرحه في القانون والفكر والدين والآدب جزءًا من عمله، مضيفًا: «هذا لا يعطلني عن أعمال النقابة الأخرى وطلبات المحامين ووجباتي تجاه النقابة، فأنا أطرح ما في ذهني ولا يستغرق مني كثيرًا لتحضيره، ولكن ما أفكر فيه هو اختيار الموضوع».

وذكر نقيب المحامين: أن الصبر صفة الصالحين لذا يتوقف كثيرا عند شميلة الصبر، وخبرة حياته الطويلة جعلته يخلص إلى مبدئين هما الصبر على التعلم والصبر على العمل، متابعًا: «فإذا صبرت على التعلم سوف تزداد غلتك من المعارف والثقافات والعلوم والخبرات كل يوم، وإذا صبرت على العمل فسوف تؤدي عملك كما ينبغي أن يؤدى، وإذا جمعتم بينهما سوف تحققون في حياتكم شيئًا، لأنهما سوف يقودكما إلى الكفاءة والمقدرة وهما عصب المحاماة»، متحدثًا عن بعض مواضع الصبر في القرآن والإنجيل.

وفي سياق أخر، أوضح نقيب المحامين، أن الميراث الذي ورثه النبي سليمان عن داوود وتعنيه الآيات الكريمة في سورة النمل هو ميراث النبوة والعلم، كما أن الهدهد قام بالتحريات عن أهل سبأ لسيدنا سليمان ثم أبلغه المعلومات، وكان رد النبي الكريم عليه: «سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين»، وهذا يمثل استيثاق من صدق وجدية التحريات التي قام بها الهدهد عن أهل سبأ، شارحًا آيات سورة النمل التي تناولت قصة النبي سليمان -عليه السلام- والهدهد.

 

وشدد نقيب المحامين، أن الاستيثاق هو أساس العدل والحياة، ومهمتنا كمحامين أن نركز في تلك الأمور، فمرافعتنا الشفوية والمكتوبة عبارة عن إيضاح وتحريك وجدان القاضي ليتأمل، واستفذاذ مشاعره وانتباهه ليرى، وهذه مسألة بها علم وفن وإخلاص، مردفًا: «وذلك كما قولت سابقًا من خلال الصبر على العمل ولن تصبر على العمل إلا إذا كنت صبرت على التعلم فأصبح لديك زاد تستثمره في رسالتك الإقناعية وهي رسالة المحاماة لتخليص بريء».

وقال نقيب المحامين، إن اتساع الأفق يولد القدرة على الفهم والتناول وتوليد المعاني والإقناع، فالمحاماة فضلًا عن العلم هي موهبة وقدرة على الإقناع وفاقد الإقناع لا يصلح أن يكون محاميًا، وهذه القدرة الإقناعية حصاد مشوار طويل في العلم وتأملات عريضة في الحياة والفكر والتجارب الإنسانية والتاريخ، فالإقناع هو مادة المحاماة وهو الهدف والغاية.

ونوه نقيب المحامين، إلى أن محكمة النقض تصدت لمسألة التحريات فقالت إنها لا تعدو أن تكون رأيًا لصاحبها يحتمل الصدق والكذب والصحة والبطلان ما لم يفصح، وإنها لذلك لا تصلح أن تكون دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة، مضيفًا: «التحريات استدلال وليست دليل، فصاحب التحريات ورغم أنه يدرج في قائمة أدلة الشهود ولكنه ليس بشاهد، فهو باحث من وراء الأستار، فهو لم يشهد بعينه أو يسمع بأذنه، وإنما يلجأ إلى أناس ويتلقى منهم روايات يقدمها إلى القاضي أو النيابة».

وأفاد أن محكمة النقض ذكرت في شروط الشاهد إما أن يشهد أو يسمع أو يدرك الواقعة بإحدى حواسه، وخلاف هذا لا يكون شاهدًا لذا تسمية جامع التحريات بالشاهد بها تجاوز، ونحن كأهل صنعة يجب أن نلتفت لذلك، مضيفًا أن محكمة النقض ذكرت أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص بما رأه أو سمعه بنفسه أو أدركه بأحد حواسه.

وذكر نقيب المحامين، أن جامع التحريات هو ناقل إن صدق وأحيانًا لا يصدق، وهناك حكم صادر لمحكمة النقض عام 1929 في قضية كان الشاهد فيها محمد محمود باشا رئيس الوزراء، وقالت المحكمة ن هذه شهادة نقلية عن مجهول لم تسمعه المحكمة وبالتالي لا يجوز الاعتماد عليها، إضافة إلى أنه لا يصح للمحكمة أن تأسس حكمها على شهادة منقولة عن شخص مجهول لم تسمع المحكمة أقواله، وهذا الحكم منشور بمجموعة محمود عمر.

وأكمل: «في كافة القضايا يقول جامع التحريات أن مصدره سري ولا يمكن البوح به حرصًا على الأمن العام ويحجبه عن النيابة والمحكمة، وأحيانًا من المفارقات العجيبة يصير المصدر السري معلوم فطبيعة الوقائع توضح المصدر الذي أعطى المعلومة ولكن الكل يسلم بأنه مصدر سري وهكذا تجري الأمور، وعماد الدليل أحد دليلين، الأول؛ القولي وكما نسميه البينة ويكون عبارة شهادة شاهد أدرك الواقعة بحاسة من حواسه، والثاني؛ الدليل الفني كالبصمة على سبيل المثال».

وأوضح نقيب المحامين، أن هذا المصدر السري مجهول ولا يتحقق فيه بالتالي ما يجب أن يتحقق في الشاهد حتى تقبل شهادته، ومن ضمن الشروط التي يجب أن تكون متوفرة في الشاهد هي الأهلية في أداء الشهادة وهذه الأهلية مطلوبة وقت مشاهدة الواقعة ووقت الشهادة عليها، والقاضي لا يعرف المصدر السري فكيف يعرف أنه أهل للشهادة أم لا؟، وهل تتوفر في هذا الشاهد الحواس التي يستطيع بها أن يشهد على الواقعة؟، متابعًا: كما يشترط في الشاهد أن يكون مُميزًا فالمجنون غير مُميز».

وأشار إلى أن المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه يجب على الشهود الذين بلغت سنهم 14 سنة، أن يحلفوا يمينا قبل أداء الشهادة على أنهم يشهدون بالحق، ولا يقولون إلا الحق، ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا أربع عشرة سنة كاملة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، متسائلًا: «كيف يعرف القاضي أو المحقق أن المصدر السري مُميز أم غير مًميز؟، فالمصدر السري محجوب عن المحكمة فلم يحضر لأداء الشهادة أو لحلف اليمين أو معرفة إن كان يتوفر فيه شروط الشاهد أم لا».

وأكد نقيب المحامين، أن حلف اليمين وسيلة هامة جدًا للاستيثاق من صدق الشاهد، فتقول محكمة النقض في أحكام عديدة لها إن اليمين القانونية يوجبها القانون لصحة الشهادة، واستحلاف الشاهد هو أهم الضمانات التي شُرعت لمصلحة المتهم لما في الحلف تذكره للشاهد بالله القائم على نفسه وتحذيره من سقطه إذا هو ما قرر غير الحق.

واستطرد: «الخلاصة؛ أن كل ما يتصل بالمصدر السري يتصل بعصب الشهادة وأساسها وشروط الشاهد وصفاته، وكل هذه أمور لا يستطيع القاضي بها أن يطمئن إلى أن ما نقل عنه الناقل يجوز أن يتلقى منه».

وأوصى النقيب العام، المحامين بأن يحبوا المحاماة، مردفًا: «كما أقول دائمًا أنها رسالة عظيمة للغاية، ف الأنبياء والرسل تتوارى لديهم الذات لأن كل ما يؤدونه هو لهداية ونفع وتبصير الغير، ومعنى الغير هو أساس المحاماة، فالمحامي يتحرك ليقنع حماية للغير، ولدرء الضرر عن الغير، ولتأمينه ورد حقه الضائع منه، وكف الأذى عنه، فكل حياة المحامي للغير ومن أجل هذا كانت المحاماة رسالة، أطيب أمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح».

 

 

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى