fbpx
الهيئات القضائية

لملايين المتعاملين.. محكمة النقض تفرق بين جريمتى “خيانة الأمانة” و”خيانة الائتمان”.. وترسخ لمبدأ قضائيا بشأن “التوقيع على بياض”: تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض يحمل جريمتين خيانة للأمانة والتزوير

أصدرت الدائرة المدنية “ج” – بمحكمة النقض – حكما مهما بشأن “التوقيع على بياض” فرق الحكم بين جريمتي “خيانة الأمانة” و”خيانة الائتمان”، في الوقت الذي يظن فيه ملايين المتعاملين أن الجريمة واحدة، حيث قالت حول شرط نفي حجية التوقيع على الأوراق العرفية، “تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها اعتباره خيانة أمانة، وأن الاستيلاء على الورقة خِلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم وتغيير الحقيقة فيها يعد تزويراً”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11051 لسنة 85 قضائية، لصالح المحامي علاء مبروك، برئاسة المستشار شريف سلام، وعضوية المستشارين شريف سلام، ووائل صلاح الدين قنديل، وحمدي طاهر، وحسام سيف.
ملخص:
في الواقع العملي يحدث أن يوقع شخص على إيصال أمانة أو شيك أو سند لأمر أو أي سند عادي بالدين، وذلك دون ذكر مبلغ المديونية، اعتمادا على أن الدائن يقوم بوضع قيمة المبلغ فيما بعد، فهل يجوز للدائن أن يملأ الفراغ المتعلق بالمبلغ بقيمة أكبر من المتفق عليها؟.. الإجابة بالطبع لا، إذ يجب أن يكون هو المبلغ المتفق عليه بين الطرفين والذي يمثل المديونية الحقيقية، وإلا فإنه يكون مرتكبا لجريمة خيانة الائتمان “وهي تختلف عن جريمة خيانة الأمانة” ويخضع للمادة 340 من قانون العقوبات والتي تنص على أن:
“كل من أؤتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب فى البياض الذى فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التى يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفى حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير”.
الواقع العملي في المحاكم تثور مشكلة إثبات أن المبلغ الذي كتبه الدائن يخالف المبلغ الحقيقي
ولكن من حيث الواقع العملي في المحاكم تثور مشكلة إثبات أن المبلغ الذي كتبه الدائن يخالف المبلغ الحقيقي، وقد أصدرت محكمة النقض هذا الحكم الذي يتناول مسألة تغيير الحقيقية بوجه عام في المحررات على بياض، ويلاحظ أن الحكم يتحدث بوجه عام وليس على مشكلة تغيير المبلغ فقط، وجاء في حكمها التالي:
“أن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، وهو الذي يرجع في إثباته للقواعد العامة ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خِلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يُعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، والاحتيال والغش الذي يجعل من تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذي يكون قد اُستخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفي معه تسليمها بمحض الإرادة”.
المحكمة تستعين بقسم أبحاث التزييف والتزوير
تتحصل الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 949 لسنة 2021 مدني بنها الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8 يناير 2012، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد البيع سالف الذكر باع للمطعون ضده الشقة محل التداعي، وأن الأخير حرر ورقة ضِدّ أقر فيها بصورية هذا العقد، ومن ثم فقد أقام الدعوى، طعن المطعون ضده بالتزوير على التوقيع المنسوب له على ورقة الضِدّ غير المؤرخة.
ندبت المحكمة أبحاث التزييف والتزوير، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 13 ديسمبر 2014 بقبول الطعن بالتزوير، وبرد وبطلان صلب الإقرار غير المؤرخ محل الطعن بالتزوير، وإعادة الدعوى للمرافعة ليتناضل الخصوم في الموضوع، وبتاريخ 14 ديسمبر 2014 حكمت برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 865 لسنة 12 ق طنطا ـــ مأمورية شبرا الخيمة ـــ وبتاريخ 14 أبريل 2015 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على أن المطعون ضده قد وقع هذا الإقرار على بياض
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب، حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ إذ أقام قضاءه برد وبطلان الإقرار غير المؤرخ، وبرفض الدعوى استناداً إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير من أن المطعون ضده قد وقع هذا الإقرار على بياض، وأن صُلبه قد حُرر بيد شخص آخر، وفي وقت لاحق على التوقيع وغير معاصر له، رغم أن التوقيع على بياض لا يعني بالضرورة أن صُلب المحرر مزور ما لم يُثبت مدعي التزوير كيفية وصول توقيعه الصحيح على ورقة المحرر المطعون عليه أو أنه قد اُختلِس منه، كما لم تعن المحكمة بتحقيق ذلك، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
“النقض” توضح شرط نفي حجية التوقيع على الأوراق العرفية
المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأنه من المقرر ـــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، وهو الذي يرجع في إثباته للقواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خِلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يُعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، والاحتيال والغش الذي يجعل من تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذي يكون قد اُستخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفي معه تسليمها بمحض الإرادة.
وبحسب “المحكمة” – وأن مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تُستمد من شهادة الإمضاء الموقع به عليها، وهي بهذه المثابة تُعتبر حجة بما ورد فيها على صاحب التوقيع بحيث لا يمكنه التحلل مما تُسجله عليه إلا إذا بَيَّنَ كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح إلى الورقة التي عليها توقيعه، وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك.
تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض يعد خيانة للأمانة
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برد وبطلان الإقرار غير المؤرخ “ورقة الضِدّ”، وبرفض الدعوى استناداً إلى ما ورد بتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن توقيع المطعون ضده الموقع به على ذلك الإقرار قد تم صحيحاً على بياض، وأن صُلب الإقرار قد حُرر بيد شخص آخر، وفي وقت لاحق على التوقيع وغير معاصر له، وانتهى بذلك إلى رده وبطلانه، في حين أن ذلك التقرير لم يرد به ما يُفيد أن توقيع المطعون ضده على الإقرار قد اُختلس منه بغتة، ولم يعن الحكم بتحقيق كيفية وصول هذا التوقيع الصحيح إلى الورقة رغم أن مدعي التزوير لم يقم الدليل على ما يدعيه من أن شخصاً اختلس توقيعه، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
إشكالية الفرق بين خيانة الأمانة وخيانة الائتمان
وهنا يأتي التفريق بين إشكالية الفرق بين خيانة الأمانة وخيانة الائتمان، حيث ‘ن تلك الجرائم لا تقتصر على تبديد المال وإتلافه فقط، بل تمتد لتشمل استخدام الشىء المؤتمن عليه فى غير الهدف منه لخدمة أغراض معينة، وبما يوقع ضررا على المالك كتسليم الوديعة أو العين المستأجرة لشخص بصفته وكيلاَ بأجرة أو مجاناَ بقصد عرضها للبيع أو استخدامها فى غرض معين لمنفعة المالك، ويقوم الوكيل باستخدامها فى غير ما خصصت له أو يبددها أو يتلفها.
فقد نصت المادة 341 من قانون العقوبات: “كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك أضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلإ على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفه كونه وكيلا بأجره أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامه لا تتجاوز مائه جنية مصري”.
فجريمة “خيانة الأمانة” من جرائم الاعتداء على الأموال المنقولة ويمكن تعريفها بأنها: “استيلاء الجاني على مال منقول مملوك للغير فى حوزته بمقتضى عقد من العقود الواردة بالنص وذلك بخيانة ثقة المجني عليه في الجاني الذى سلمه هذا المال على سبيل الوديعة فخان ثقته فيه واستولى عليه بنية تملكه”.
وتتمثل عقود الأمانة فيما يلى:
1-الوديعة.              2- الإجارة.              3- عارية الاستعمال.
5-الرهن.                5- الوكالة.              6- القيام بعمل مادى.
والعقود التى تخرج عن نطاق تطبيق المادة 341 عقوبات:
1-عارية الاستهلاك   2- عقد البيع    3- عقد المعاوضة.
وأركان الجريمة
1-الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة يتمثل فى الاختلاس والتبديد والاستعمال، وينطوي حتماً على الاحتفاظ بالشيء مع نية تملكه.
2-  الضرر: وهى أن توقع الجريمة ” أضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها “، ولا يشترط تحقيق الضرر فعلاً بل يكفى أن يكون وقوعه محتملاً، ولا يشترط أن يكون الضرر مادياً، بل تقع الجريمة ولو كان الضرر أدبياً كما فى تبديد أوراق شخصية أو أشياء ليس لها إلا قيمة تذكارية.
3- الركن المعنوى “القصد الجنائى”.
يثبت القصد الجنائى من أى طريق وبأى دليل طبقاً للقاعدة العامة للإثبات فى المواد الجنائية، ولقاضى الموضوع القول الفصل فى ذلك متى قرر أن القصد متوافر للأسباب التى بينها فى حكمه، فلا رقابة لمحكمة النقض إلا إذا كان العقل لا يتصور إمكان دلالة هذه الأسباب عليها.
ماذا لو انتفي ركن التسليم بجريمة خيانة الأمانة؟
لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا أقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر فى المادة 341 عقوبات، وكانت العبرة فى القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود فى صدد توقيع العقاب، أنما هى بحقيقة الواقع، بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة.
ومن المقرر قانوناً أنه إذا كانت هناك منازعة فى واقعة التسليم، يتعين على المحكمة حسمها قبل أن تقضى بالإدانة، فإذا لم يثبت تسلم المال بناء على أحد عقود الأمانة فقدت الجريمة أحد أركانها وتعين الحكم بالبراءة، فمثلا يقوم شخص بتوقيع إيصال أمانة ضمانا لتأجيره شقه أو ضمانا لأى علاقة تجاريه فهنا ينتفى ركن التسليم لعدم استلام الشخص أموال من المجنى عليه.
متى تكون الجريمة “خيانة ائتمان وليس أمانة”؟
أما لو قام الشخص المؤتمن على الورقة الممضاة علي بياض وكَتب فى البياض الذى فَوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة، فذلك يمثل جريمة خيانة الائتمان حيث نصت المادَة ٣٤٠ من قانون العقوبات على : “كل من أؤتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب فى البياض الذى فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التى يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفى حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأى طريقة كانت فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير”.
والمادَة سالفة الذكر تُجرم فعلين الأول خيانة الأمانة فى ورقة ممضاة أو مختومة على بياض وهو قيام الخائن وكتابته فى البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالص، وأما الثانى هو استحصال شخص أخر غير الذي اؤتمن على الورقة بأى طريقة وكتب فوق البياض الذى فوق الإمضاء سند دين أو مخالصة، فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير.
ولابد من توافر 4 شروط لهذه الجريمة:
1-وجود ورقة ممضاة أو مختومة على بياض.
2-أن تكون الورقة قد سلمت إلى الجانى على سبيل الأمانة.
3- فعل الخيانة بالكتابة فى البياض.
4-القصد الجنائى.

238594143_852590368731037_6143300394384703196_n

238371659_852590412064366_140436197813355308_n
238599358_852590332064374_2667220242039998585_n

مصدر الخبر | موقع اليوم السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock