الهيئات القضائية

11 قاضيًا بالهيئة العامة لـ”النقض” يتصدون لتضارب الأحكام بشأن “دعوى رصيد الإجازات”

تصدت الهيئة العامة بمحكمة النقض، لأزمة تهم ملايين العمال والموظفين بشأن تضارب الأحكام حول “دعوى رصيد الأجازات” هل هي من الدعاوى محددة القيمة أم من الدعاوى غير محددة القيمة، حيث صدرت أحكام من محكمة النقض تقرر بأن دعوى رصيد الاجازات محددة القيمة، ثم صدرت أحكام أخرى من محكمة النقض كثيرة تقرر بأن دعوى رصيد الاجازات غير محددة القيمة.

 

وفى تلك الأثناء – اجتمعت الهيئة العامة لمحكمة النقض لتوحيد المبدأ القانوني، مكونة من 11 قاضيا، وانتهت الهيئة إلى أن دعوى رصيد الاجازات من الدعاوى محددة القيمة، وليست كما يشاع عنها أنها غير محددة القيمة، ويتم تحديد قيمة الدعوى بأحد الأمرين إما ببيان رصيد الاجازات المقدم فى الأوراق، وإما بقيمة رصيد الاجازات التى قدرها الخبير المنتدب وانتهى إليه فى تقريره، وذلك في الطعن المقيد برقم 10692 لسنة 81 القضائية.

 

الوقائع.. عامل يطالب الشركة بدفع المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم تستنفد أثناء عمله

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أٌقام على الشركة – غير المختصمة في الطعن الماثل – دعوى قضائية أمام ما كان يسمى بـ”اللجنة ذات الاختصاص القضائي” بمحكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بدفع المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم تستنفد أثناء عمله، وقال بياناً لها إنه كان من العاملين لدى الطاعنة – الشركة – وانتهت خدمته بالإحالة إلى المعاش في 6 يناير 2005 وصرفت له المقابل النقدي لرصيد إجازاته عن 4 أشهر فقط، وامتنعت عن صرف المتبقي له من رصيد، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان.

 

الشركة تستند على سقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم الحولي.. والمحكمة ترفض الدعوى

صحح المطعون ضده “العامل” شكل الدعوى بإدخال الطاعنة “الشركة” خصماً جديداً فيها، ودفعت الطاعنة “الشركة” بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم الحولي، ثم ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره أحالت الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية، وحكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة، ثم أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشاهدي المطعون ضده، فقضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضده بصفته بأن يؤدي للمستأنف مبلغ 60 ألفاً وسبعمائة وسبعة وعشرين جنيهاً واثنين وسبعين قرشاً، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وطلبت وقف تنفيذه مؤقتاً.

 

العامل يستأنف الحكم لإلغاءه.. والاستئناف تنصفه وتقضى له بمبلغ 60 ألف جنيه

وفى تلك الأثناء – قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بطلب إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية للفصل في أمر جواز الطعن من عدمه، ثم عُرض الطعن على الدائرة المدنية المختصة ورأت إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل، وذلك إزاء اختلاف أحكام محكمة النقض فيما إذا كانت الدعوى بطلب المقابل النقدي لرصيد الإجازات مقدر القيمة من عدمه، إذ اتجهت بعض الأحكام إلى أن المقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوز الحد الأقصى الذي يقرره القانون أو اللائحة ليس محدداً بأجر العامل شاملاً كان أم ثابتاً أو أساسياً ولا يوجد في القانون أسساً تجعله معين المقدار سلفاً ذلك أنه لا يعدو أن يكون تعويضاً يلتزم به صاحب العمل إذا أخل بالتزامه في هذا الشأن.

 

الشركة تطعن على الحكم.. والنيابة تحيل الطعن للهيئة العامة للفصل فيه

وأنه إذا لم يحدد مقدار التعويض أو الأسس التي يحسب على أساسها فإن الدعوى تكون بطلب غير مقدر القيمة وغير قابل للتقدير بحسب القواعد الواردة في قانون المرافعات، ومن ثم فلا محل لإعمال نص المادة 248 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007، بينما ذهبت أحكام أخرى إلى أن مقابل رصيد الإجازات فيما جاوز الحد الأقصى – الذي يقرره القانون أو اللائحة – يتحدد وفقاً للأجر وعدد أيام الرصيد من واقع سجلات جهة العمل، سواء حدد العامل الأسس التي يحسب على أساسها أو لم يحدد فتكون الدعوى بطلب مقدر القيمة ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها إذا كان قيمة الطلب فيها مائة ألف جنيه أو أقل إعمالاً لنص المادة 248 من قانون المرافعات سالفة البيان، وإذ حددت هذه الهيئة جلسة لنظر الطعن, أودعت النيابة مذكرة ارتأت فيها عدم جواز الطعن استناداً إلى هذا المبدأ الأخير، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.

 

النيابة أحالت الطعن للهيئة العامة للفصل في أمر جواز الطعن من عدمه

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن دعوى العامل بطلب الحكم له بمقابل رصيد الإجازات هي في حقيقتها دعوى بطلب تعويض العامل عن حقه فيها، ومن ثم يجوز للعامل – كأصل عام – أن يطلبها جملة أياً كان مقدارها إذا كان اقتضاء ما تجمع منها ممكناً عيناً، وإلا تعين أن يكون التعويض عنها مساوياً – وعلى الأقل – لأجره عن هذا الرصيد أياً كان مقداره، تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة سببها إجراء اتخذه صاحب العمل وعليه أن يتحمل تبعته، وكان من المقرر أن التعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته.

 

الخلاف حول إذا كانت الدعوى بطلب المقابل النقدي لرصيد الإجازات مقدر القيمة من عدمه

وبحسب “المحكمة”: هذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أم غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية، كما أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادة 41 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 18 لسنة 1999 أن الأصل في الدعاوى أنها معلومة القيمة ولا يخرج عن هذا الأصل إلا الدعاوى التي ترفع بطلب غير قابل للتقدير فتعتبر مجهولة القيمة، وهي لا تعتبر غير قابلة للتقدير إلا إذا كان المطلوب فيها مما لا يمكن تقدير قيمته طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التي أوردها المشرع في المواد من 36 إلى 40 من قانون المرافعات.

 

ووفقا لـ”المحكمة”: وكان الأصل في تقدير قيمة الدعوى أنها تقدر بقيمة الطلب المدعى به أو الحق الذي يتمسك به المدعي أو الالتزام الذي يطالب خصمه بأدائه أو المركز القانوني المطلوب تقديره، وذلك مع مراعاة ما وضعه المشرع في قانون المرافعات من ضوابط وقواعد في هذا الصدد وترتيباً على ذلك، فإن تقدير قيمة المستحق للعامل إذا كان تفويت حصوله على الإجازة مرجعه ظروف العمل أو لسبب يرجع إلى صاحب العمل يتعين أن يساوي على الأقل أجره عن هذا الرصيد أياً كان مقداره – إذا لم يحدد هو مقدار التعويض – فتقدر قيمة دعواه التي يقيمها للمطالبة بالمقابل النقدي لرصيد إجازاته بقيمة ذلك التعويض وهي – على هذا النحو المتقدم – تكون قابلة للتقدير حتى إذا لم يحدد العامل مبلغ التعويض، إذ يتعين أن يكون التعويض مساوياً – على الأقل – لأجره عن هذا الرصيد أياً كان مقداره.

 

11 قاضيا بالهيئة العامة للنقض يتصدون لتضارب الأحكام بشأن “دعوى رصيد الإجازات”

وتضيف “المحكمة”: وإذا كان كل من أجر العامل وعدد أيام إجازاته التي لم يستنفدها ثابتة بسجلات ودفاتر جهة العمل، فإنها تعتبر الأسس الحسابية التي يمكن على أساسها حساب قيمة الدعوى يوم رفعها وفقاً لنص المادة 36 من قانون المرافعات طالما أن الأجر وعدد أيام الإجازات يظل دائماً ثابتاً دون تغيير بالزيادة أو النقصان منذ رفع الدعوى وحتى الفصل فيها – اعتباراً بأن خدمة العامل قد انتهت لدى جهة العمل، ويمكن دائماً معرفتها من واقع الدفاتر والسجلات الثابتة – وهذا الأجر الذي يحسب على أساسه المقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في القانون أو اللائحة هو الأجر الذي تم على أساسه صرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات عن مدة الحد الأقصى من هذا الرصيد الذي يسمح القانون أو اللائحة للعامل بتجميعها.

 

وتابع: وصرف مقابل نقدي عنها باعتباره القدر المتيقن من الأجر الذي يُصرف على أساسه المقابل النقدي لرصيد الإجازات، وهو معلوم وثابت بسجلات جهة العمل مثله مثل عدد أيام الرصيد في يوم رفع الدعوى، ولن يطرأ عليهما أي نقص أو زيادة أو تعديل بعد انفصام علاقة العمل فهما دائماً في خصوص دعوى رصيد الإجازات عنصران جامدان مستقران لا يتغيران بتغير ظروف الدعوى أثناء السير فيها، والكشف عنهما لا ينفي أنهما كانا موجودين بذات القيم والأرقام يوم رفع الدعوى، ومن ثم فلا يُعد عدم تحديد المدعي للأجر الذي يحسب على أساسه رصيد إجازاته مانعاً يتعذر معه تقدير قيمة الدعوى طالما أمكن معرفة الأجر الذي صُرف على أساسه المقابل النقدي لرصيد إجازاته المنصوص عليه في القانون أو اللائحة.

 

ويقررون: دعوى رصيد الإجازات محددة القيمة

وبناء على ما تقدم – فإن دعوى المطالبة بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوز الحد الأقصى الذي يقرره القانون أو اللائحة والتي لم يستنفدها العامل لسبب يرجع إلى رب العمل أو ظروف العمل وفق التكييف القانوني الصحيح هي دعوى تعويض يمكن تقدير قيمتها – إذا لم يحدد المدعي مقدار التعويض – وذلك من واقع سجلات جهة العمل وفقاً لعدد أيام رصيد إجازاته وأجر العامل الذي صرف على أساسه المقابل النقدي لرصيد إجازاته عن المدة المنصوص عليها في القانون أو اللائحة باعتبارهما الأساسين الحسابيين اللذين يحسب على أساسهما قيمة الدعوى، وتكون بذلك دعوى بطلب مقدر القيمة.

 

لما كان ذلك – وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت إلى أن دعوى المطالبة بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوزت حدها الأقصى – الذي يقرره القانون أو اللائحة – ليس محدداً ولا توجد أسس في القانون تجعله معين المقدار سلفاً، فقد رأت الهيئة بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية والصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل العدول عن هذا الرأي والأحكام التي اعتدت به والفصل في الطعن على هذا الأساس.

 

والعدول عن الأحكام السابقة بأنها غير محددة القيمة

واستطردت “المحكمة”: وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم جواز الطعن لعدم تجاوز قيمة الدعوى 100 ألف جنيه إعمالاً لنص المادة 248 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 76 لسنة 2007 فهو سديد، ذلك أن المقرر – وعلى ما انتهت إليه الهيئة – أن الطلب في الدعوى مقدر القيمة متى كان من الممكن تقديره وفقاً للمادة 37 من قانون المرافعات ولو كان الطلب فيها غير معلوم المقدار متى أمكن تحديد أو تعيين ذلك المقدار من واقع الدعوى ومستنداتها، وكان المطعون ضده قد طلب المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم يصرفها والتي حددها الخبير المنتدب في الدعوى بمبلغ 60 ألفاً وسبعمائة وسبعة وعشرين جنيهاً واثنين وسبعين قرشاً، وكانت المادة 248 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 – المنطبقة على الطعن – قد حظرت الطعن بالنقض في الأحكام إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز 100 ألف جنيه، وكانت دعوى المطعون ضده لا يجاوز الطلب فيها هذا المبلغ فإن الحكم الصادر بشأنها لا يجوز الطعن فيه بالنقض، ولما تقدم، يتعين القضاء بعدم جواز الطعن.

1

3

4

5

6

8

9

10

21

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى