أحوال محاكم مصر

النقض ترسي 4 مبادئ قضائية بشأن دعاوى فواتير المياة والكهرباء والغاز والإنترنت

النقض ترسي 4 مبادئ قضائية بشأن دعاوى فواتير المياة والكهرباء والغاز والإنترنت

أصدرت الدائرة المدنية “د” – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين المستفيدين من عقود الخدمات مثل المياه والكهرباء والغاز والانترنت،

 أرست خلاله 4 مبادئ قضائية قالت فيه: 

1-عقود الخدمات هي عقود يلتزم فيها طرف بتقديم أو نقل خدمة للطرف الآخر مقابل التزام الأخير بسداد قيمتها.

2- أما صورها تتمثل فى استئثار مقدم الخدمة بتحديد مقدار وقيمة الاستهلاك وأُسس المحاسبة والإمساك بكافة المستندات.

3- حال قيام منازعة بين الطرفين حول أسس المحاسبة يكون مؤداه عدم جواز تكليف متلقي الخدمة بتقديم مستندات،

 تحت يد مقدم الخدمة، وعلة ذلك التزام مقدم الخدمة بتقديم المستندات اللازمة للفصل في الدعوى متى طلب منه .  

4- حال قعود مقدم الخدمة عن ذلك ينتج عنه اعتبارها قرينة لصالح متلقي الخدمة ووقوع عبء الإثبات عليه.

 

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 160 لسنة 90 قضائية، لصالح المحامى بالنقض عمرو حسن إبراهيم، برئاسة المستشار مجدي مصطفى، وعضوية المستشارين وائل رفاعي، ومحمد جمال الدين، ومحمد راضى، وأحمد عبدالمجيد الفقى، وبحضور كل من رئيس النيابة خالد فتحي، وأمين السر عادل الحسيني إبراهيم.

 

الوقائع.. نزاع بين مستثمر وشركة الكهرباء حول قيمة الإستهلاك

 

الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على الشركة المطعون ضدها،

 الدعوى رقم 6802 لسنة 2010 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير تكون مهمته قياس الأحمال،

 وتحديد أقصى قيمة استهلاك الكهرباء وفحص ومراجعة حسابه لدى الشركة المطعون ضدها، وإعادة تسويته طبقا لما سيسفر عنه تقرير الخبير،

 مع إلزامها بما ستسفر عنه هذه التسوية، ثم أضاف طلبا بإلزامها برد مبلغ 354530,350 جنيها – فقط ثلاثمائة وأربعة وخمسون مليوناً وخمسمائة وثلاثون ألفاً وثلاثمائة وخمسون جنيهاً لا غير،

 إجمالي ما تم سداده حتى شهر فبراير  2010، وقال بيانا لذلك إنه يمتلك المول التجاري المبين بالصحيفة، 

وأنه في غضون شهر أبريل، وعقب تركيب عداد تجاري منفصل للأدوار التجارية، وشبكة التكييف، 

لم تقم الشركة المطعون ضدها بإصدار فواتير استهلاك الكهرباء، وفوجئ بها تطالبه بالمبالغ التي قدرتها، والمبينة بالصحيفة.  

 

النزاع حول 354 مليون جنيه إجمالي مديونيات الكهرباء

ولما كان ذلك التقدير لا يتفق مع الاستهلاك العملي، فقد أقام الدعوى، ثم ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره النهائي،

 حکمت برفض الدعوى، بحكم استأنفه الطاعن بصفته لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10610 لسنة 22 قضائية،

 وبتاريخ 5 نوفمبر 2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة، 

وأبدت الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، التزمت فيها النيابة رأيها.   

 

محكمتا أول وثاني درجة تقضيان بسداد قيمة المديونيات

 

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه،

 بسبب النعى  الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بإمتناع الشركة المطعون ضدها،

 عن الحضور أمام خبراء الدعوى، وتقديم ما لديها من مستندات متعلقة بقيمة استهلاك الكهرباء عن الفترات موضوع التداعي، 

وبيان أسس المحاسبة، وقيمة التعريفة التي تم الحساب على أساسها، حال كونها المنوط بها تحديد تلك القيمة والتعريفة المحددة لها،

 إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عما تمسك به معتبرا إياه قد عجز عن إثبات دعواه، في حين أن المستندات المطلوبة،

 تحت يد المطعون ضدها، وهي من أمتنعت عن تقديمها، كما التفت عن الصورة المقدمة منه لإيصال سداد المبلغ،

 موضوع الطلب المُضاف، مما يجعله معيبا، بما يستوجب نقضه. 

 

مذكرة الطعن تستند على عدم تقديم الشركة المستندات   

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – 

أنه ولئن كان الأصل وفقا لما قررته المادة الأولى من قانون الإثبات أن المدعي هو المكلف قانونا بإثبات دعواه، 

وأن عنده الإثبات يقع على عاتق من يدعي خلاف الأصل، وهي القاعدة التي تحد أساسها في القاعدة الأصولية،

 التي تقضى بأن البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، إلا أن الأحد بهذه القاعدة على إطلاقها لا يستقيم ذلك إنه إذا كانت الدعوى مؤسسة على عقد ينبئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين، فإنه يقع على عاتق كل من التزم بالتزام عبئ إثبات قيامه بما تعهد به،

 وذلك بعض النظر عما إذا كان هو المدعي أم المدعى عليه، وكانت عقود الخدمات – وهي العقود التي يلتزم بموجبها أحد الطرفين،

 بتقديم أو نقل خدمة معينة للطرف الآخر مقابل أن يلتزم الأخير سداد قيمتها، 

مثل عقود نقل التيار الكهربائي والمياه والغاز الطبيعي وخدمات الاتصالات وخدمات السوك ….. إلخ).

 

وتضيف “المحكمة”: تقتضي وفقا لطبيعتها أن يستأثر الطرف مقدم الخدمة بتحديد مقدار وقيمة الاستهلاك، وأسس المحاسبة، 

والإمساك بالمستندات والدفاتر والأوراق المعدة لإثبات ذلك، فإنه إذا ما ثارت منارعة بينه وبين الطرف الآخر – متلقي الخدمة حول تلك الأسس – 

اقتضت الرجوع إلى هذه المستندات وتلك الأوراق، فلا يستقيم تكليف الطرف متلقي الخدمة بإثبات ما لا يمكنه إثباته،

 إلا بتقديم الطرف مقدم الخدمة ما تحت يده من مستندات، ما كان الطرف الثاني ليتحصل عليها إلا عن طريق مقدم الخدمة ذاته،

 وإلا عُد ذلك تكليفا بمستحيل بالمخالفة للقاعدة الأصولية أنه: “لا تكليف بمستحيل”، و يتعين في هذه الحالة أن يلتزم مقدم الخدمة،

 بتقديم كافة المستندات المتعلقة بموضوع النزاع، والمنتجة في الدعوى واللازمة لبيان وجه الحق فيها، متى طلب ذلك،

 فإذا ما قعد عن ذلك عُد قعوده قرينة لصالح متلقي الخدمة، وتلقي بعده الإثبات على مقدمها.   

 

النقض تلغى الحكم وتحيل الدعوى لمحكمة الاستئناف

 

ووفقا لـ”لمحكمة النقض”: وكان من المقرر أن النص في المادة 148/1 من قانون الإثبات على أنه يسمع الخبير أقوال الخصوم وملاحظاتهم،

 فإذا تخلف أحدهم عن الحضور أمامه أو عن تقديم مستنداته، أو عن تنفيذ أي إجراء من إجراءات الخبرة في المواعيد المحددة،

 بما يتعذر معه على الخبير مباشرة أعماله، أو يؤدي إلى التأخير في مباشرتها، جار له أن يطلب إلى محكمة النقض أن تحكم على الخصم،

 بأحد الإجراءات المقررة في المادة 99 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968،

ويسري على هذا الحكم الأحكام المدينة في المادة المذكورة.

 وفي المادة 148  مكرر من القانون ذاته والمضافة بالقانون رقم 54 لسنة 1974 أنه لا يجوز لأية وزارة،

 أو مصلحة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة أو وحدة من الوحدات الاقتصادية التابعة لهما أو أية جمعية تعاونية أو شركة أو منشأة فردية،

 أن تمتنع بغير مبرر قانوني عن إطلاع الخبير على ما يلزم الاطلاع عليه مما يكون لديها من دفاتر،

 أو سجلات أو مستندات أو أوراق تنفيذا للحكم الصادر بندب الخبير”.

 

 

وتؤكد “المحكمة”: وقد كان رائد المشرع من استبدال النص الحالي للمادة 148 بالنص القديم، وإضافة المادة 148 مكرر،

وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيصاحية للقانون 54 لسنة 1974 – أن الواقع العملي قد كشف أنه كثيرا ما يتأخر الخبير في إنجاز المأمورية المكلف بها، 

وذلك إما بفعل الحصوم أو تخلف من تدعو الضرورة سماع أقوالهم عن الحضور أمام الخبير أو الامتناع عن إطلاعه على المستندات أو الأوراق،

 التي يلزم الاطلاع عليها، وساعد على ذلك خلو القانون الحالي من نصوص صريحة تحمل الخصوم أو غيرهم،

 على أن ينفذوا ما يطلبه الخبير من حضور أو تقديم مستندات أو إطلاعه عليها أو الإدلاء بأقوالهم أمامه.   

 

<b>النقض ترسى 4 مبادئ قضائية جديدة

وأوضحت “المحكمة”: وإذا كان عمل الخبير يعتبر امتدادا لنظر الدعوى أمام القضاء، فإن من المنطقي أن تحاط الدعوى أمام الخبير بأحكام مماثلة،

 للأحكام المقررة لها في مجلس القضاء، والتي من شأنها سرعة إعدادها للفصل فيها وكان النص في المادتين 148/1، 148 مكرر مكرر سالفي البيان،

  يدل على أن الحكم القضائي الصادر بندب خبير وتعويضه في الانتقال إلى إحدى جهات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات،

 أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية أو الجمعيات والشركات والمنشآت الفردية للاطلاع على ما لديها من أوراق،

 تتصل بموضوع الدعوى أو طلبه من الخصوم تقديمها، هو التزام قانوني فرضة المشرع على كافة الجهات، يستمد قوته من قوة الحكم القضائي الصادر به،

 وفي حالة الامتناع عن تنفيده، بغير مبرر قانوني فإنه يحيز للمحكمة مصدرة الحكم أو الدرجة التالية لها،

 – سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب خبير الدعوى – توقيع الإجراءات المدنية المقررة بالمادة 99،

 من قانون المرافعات من غرامات وغيرها من الجزاءات.   

 

وكان من المقرر أيضا – وعلى ما حرى به قضاء هذه المحكمة – وهديا بالمادتين 147، 148 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، 

يجب تنفيذه طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، 

وإنما يتناول أيضا – ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، ومن المقرر كذلك – في قضاء النقص – 

أنه إذا طرح دفاع على المحكمة، كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجا، فعليها أن تقدر مدى حديثه،

 حتى إذا ما رأت أنه يتسم بالجدية مضت إلى فحصه، لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تعمل كان حكمها قاصرا،

 كما أن الغرض من ندب خبير في الدعوى هو الاستعانة برأيه في مسألة فنية لا يستطيع القاضى البت فيها، 

بما لازمه أن يباشر الخبير المهمة المنوط بها.  

 

مُقدم الخدمة الملزم بتقديم المستندات وليس مُتلقى الخدمة 

 

وتؤكد “المحكمة”: وأن المناط في اتحاد الحكم من تقرير الحمير دليلا في الدعوى أن يكون الخبير قد أدى المأمورية،

 واستند في تقريره إلى أسباب تكفي لحمله، وتصلح ردا على ما تمسك به الخصوم من أوجه دفاع ودفوع، لما كان ذلك، 

وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه نوعية بندب خبير لقياس الأحمال وتحديد الحد الأقصى لقيمة استهلاك الكهرباء،

 وفحص حساباته لدى الشركة المطعون ضدها، وتسويتها، والزامها بما سيسفر عنه تقرير الخبير مع إلزامها برد مبلغ 354530,350 جنيها،

 إجمالي ما تم سداده حتى شهر فبراير 2010، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدعوى استنادا لتقارير الخبراء المبتدئين فيها،

 رغم أنها قد خلت مما يفيد أن أيا من هؤلاء الخبراء قد أدى مهمته، إن أجمعت التقارير الثلاثة،

 على نتيجة مؤداها عدم تقديم أي من الطرفين لأية مستندات.

 

 

 

والبين كما تقدم أن كافة المستندات تحت يد الشركة المطعون ضدها، وأن قياس الأحمال هو إجراء فني يتعين على الخبير إتمامه، 

فإذا ما اعتد الحكم المطعون فيه بهذا التقرير القاصر، والتفت عن قعود الشركة المطعون ضدها عن تقديم المستندات،

 سند المنازعة التي تستأثر بها، وعن دلالة الصورة الصوتية عبر المجحودة لإيصال سداد مبلغ المحاسبة موضوع الطلب المصاف،

 ومقداره 354530,350 جنيها، والذي قدمه الطاعن أمام محكمة الموضوع، فإنه يشوبه ما شاب سنده من قصور منطل للحكم،

 بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.  

 

لذلك:

 

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت الدعوى لمحكمة استئناف القاهرة، وألزمت الشركة المطعون ضدها المصاريف ومبلغ مائتي جنيه أتعاب المحاماة.  

النقض ترسي 4 مبادئ قضائية بشأن دعاوى فواتير المياة والكهرباء والغاز والإنترنت

النقض ترسي 4 مبادئ قضائية بشأن دعاوى فواتير المياة والكهرباء والغاز والإنترنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى