الهيئات القضائية

“تشريعية النواب” ترجئ مناقشة قانون إجراءات الطعن أمام النقض لأخذ رأى مجلس القضاء

قررت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدى، خلال اجتماعها اليوم، تأجيل مناقشة مشروع قانون مقدم من النائب إيهاب رمزي، وستون نائباً آخرون، بتعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، لحين أخذ رأى المجلس الأعلى للقضاء.

وقال إيهاب رمزي، عضو مجلس النواب، مقدم مشروع القانون، إن هذا القانون غاية في الأهمية ويعيد رسم ملامح خريطة الطعون القضائية في مصر؛ حيث تُعَدّ محكمة النقض طبقة قائمة بذاتها أعلى من محاكم الدرجة الأولى والمحاكم الاستئنافية، وليس الهدف من إنشائها جعل التقاضي على ثلاث درجات؛ فالتقاضي على درجتَين فقط، ولهذا تقوم محكمة النقض على رأس المحاكم العادية.

وتابع: محكمة النقض تراقب سلامة تطبيق الحكم محل الطعن للقانون، فالقضية التي أمام محكمة النقض هي عدالة هذا الحكم أو صحته، وهي قضية تختلف عن تلك التي كانت معروضة على محكمة أول درجة أو على المحكمة الاستئنافية، ولذلك لا تُعَدّ محكمة النقض درجة ثالثة لنظر القضية نفسها.

وأردف: ولما كان ذلك فإننا ارتأينا أن دور محكمة النقض سوف يتأثر بسبب التعديل الذي تم بموجب القانون 11 لسنة 2017، والذي حاد عن الهدف الأسمى لمحكمة النقض بأن أسند إليها مهمة الفصل في الموضوع أيضًا.

واستطرد رمزي: فقد نصت المادة محل التعديل بإلغاء الفقرة الثانية منها، أنه إذا كان الطعن مبنيًّا على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، تنقض المحكمة الحكم، وتنظر موضوعه، ويُتبع في ذلك الأصول المقررة قانونًا عن الجريمة التي وقعت، ويكون الحكم الصادر في جميع الأحوال حضوريًّا.

وأشار إلى أن هذا له جوانب سلبية عديدة، منها أنه لا يوجد سوى محكمة نقض واحدة على مستوى الجمهورية، وبالتالي مهمتها ثقيلة؛ كونها محكمة تراقب تطبيق صحيح القانون، وحينما نزيد عليها الفصل في الموضوع، فهذا يثقل عمل المحكمة، لا سيما أنها أصبحت تقوم بنظر مئات الآلاف من الجنايات موضوعًا، وتستمر مدة التقاضي أمام محكمة النقض عدة سنوات لحين صدور حكم نهائي فيها؛ نظرًا لصعوبة نقل وترحيل المتهمين من جميع أنحاء الجمهورية لمحكمة النقض، وأيضًا لا تجد محكمة النقض وقتًا كافيًا لنظر الموضوع مع تكدس القضايا المنظورة أمامها، ويترتب على ذلك أيضًا تأخير الفصل في قضايا النقض، والتي – بموجب المادة محل التعديل- ستجعل محكمة النقض محكمة موضوع أيضًا تنظر الإجراءات والدفوع والشهود؛ مما يجعل الأحكام التي ستصدر عنها تتجاوز مدة صدورها الأشهر بل أحيانًا الأكثر من ذلك.

وأوضح أن محكمة النقض تلعب دوراً مهماً في توجيه المحاكم نحو الثبات والاستقرار، وهي تختص بمراقبة صحة تطبيق القانون أي التحقق من سلامة أعمال حكم القانون على الوقائع الثابتة في حكم المحكمة الاستئنافية، وليس من وظيفتها إعادة النظر في هذه الوقائع؛ لأنها محكمة قانون لا محكمة واقع، إلا أن هذا التعديل سينال من ثباتها واستقرارها كونها محكمة درجة ثالثة، بعد الدرجة الأولى والاستئناف، وهذا ليس الهدف الأساسي من إنشاء محكمة النقض، وليس الهدف من كونها محكمة واحدة فقط على مستوى الجمهورية.

ولفت إلى أنه تقوم محكمة النقض بدور مهم في إرساء واستخلاص القواعد القضائية من خلال توحيد القضاء واستقراره على مبادئ معينة؛ حيث تختلف المحاكم أحياناً في تطبيق القانون وتتباين الأحكام بصدد أمر معين، فيعرض النزاع على محكمة النقض لتقول كلمتها بشأنه، وقد يتم الطعن على حكم معين فتؤيده محكمة النقض أو تنقضه، لكن المادة محل التعديل بإلغاء الفقرة الثانية، تسلخ المحكمة عن غرضها، حيث إنها ستكون محكمة موضوع لها العديد من الأحكام وليس القواعد القضائية التي تسير عليها باقي المحاكم، وستكون أحكامها أحكاماً قضائية مثل باقي المحاكم وليس محكمة إرساء القواعد القانونية التي تسير عليها باقي المحاكم.

وتابع: محكمة النقض ترسي مبادئ معينة تقوم المحاكم عادة بالسير على هذه المبادئ؛ نظراً للمكانة الأدبية لمحكمة النقض من جهة وخشية تعرض الحكم المخالف للنقض من جهة أخرى، ويتوحد بذلك اتجاه القضاء أمام المسائل المتشابهة، وتبدأ القاعدة القضائية في الاستقرار بمجرد إقرارها من محكمة النقض، وتقرر بأن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاؤه على ما يخالف الرأي الذي استقر عليه قضاء النقض، فإنه يتعين نقضه لأنه يكون قد خالف القانون، ذلك كله سينتفي مع وجود المادة محل التعديل، وسينال ذلك من مكانتها الأدبية، لا سيما أن المحاكم لن تسير على خطى النقض التي ستعتبر محكمة موضوع ولن تكون هناك خشية قضائية لتعرض الحكم المخالف للنقض.

 

مصدر الخبر | موقع اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى